عالمي السحري

كان لي في عينيها عالمٌ سحري
عالمٌ فريد , ملكي وحدي , لم تطأه قدم قبلي ولا بعدي
ولم يستنشق من رحيقه سواي ...



وعيناها بوابة كبيرة , مرمرية كانت , ولها مقبض فضي كان أول ما رأيت في حياتي
كنت صغيراً ...
وكنت أول من مد يده ليستكشف الأرض الطيبة



وعلي صوتها الحاني , فتحت الباب ... وخطوت
ورأيت ...
لأول مرة ... عالمي الأثير
عالمي السحري




عالمي كانت فيه شمس ذات أجنحة , تطير فتبعث الدفء في كل مكان أخطوه
تتبعني .. تضحك لي .. فأضحك
أشير لها أن اهدئي ... فتهدأ



عالمي كانت به سماءٌ , بلون ابتسامتها
سماءٌ ذات شبابيك , تقيني الحر والبرد
وقمر مغرد , يطربني بأنغامي المفضلة
كانت هي من لحنها لي



عالمي السحري
كان له رائحتها , وطعم قبلتها علي خدي
واللون ؟
كل يوم هو في لون ...
ولون الغد أفضل من لون اليوم




عالمي كانت به جنة ... بل جنات
وجنيات ...
جنات ترتدي فساتين الفرح ...
أشجارها تضئ بفوانيسي , علمتني هي أن أرسمها
قطوفها تغازلني , كي ألعب معها ألعاباً , كانت هي من علمتنيها
جنات تجري من فوقها جبال بيضاء , تهديني لعباً و تقص علي حكايات الأطفال


وجنيات من طيبتها خلقن في خيالاتي , ومن حسن روحها رزقن بحسن
يخلب الألباب



عالمي السحري كانت به ميناء وبحر وسفينة ...
الميناء بإسمي , والبحر تكتب أمواجه أشعاراً , كانت تحفظني إياها
وبين إسمي وأشعاري , سفينة من الحرية كانت تحملني في أحضانها




عالمي السحري ... به أطياري السحرية
تعطيني ريشاتها لأرسم أحلاماً للغد
و بمداد من فؤادها , رسمت بعالم عينيها سلماً
وصعدت عليه إلي سماوات خلابة
وصعدت .. وصعدت
فكتبت علي صحاف السحب ...
أني أحبها




لم أسأم يوماً عالمي السحري
لم أحلم يوماً سوي بالبقاء فيه ,
أفتح عيني كل صباح , فتفتح عينيها , فأدخل
ولا أخرج إلا عند النوم


لماذا في هذا اليوم ؟!!
وبرغم عينيها المفتوحتين , وشفتيها المبتسمتين
حاولت دخول عالمي ... فلم أفلح ؟!!




أمي بجواري تبكي ...
لا تبكي يا أمي ... أرجوكي لا تخيفيني
سأدخل الأن ...
عالمي السحري بإنتظاري
فمازلت أري بوابة عالمي داخل عينيها
أحاول الدخول ... فلا أفلح
افتحي الباب يا شمسي
افتحن يا أطياري .. يا جنياتي



أغلقت أمي الباكية عيني جدتي
وأخبرتني أنها ماتت
وانتهي عالمي السحري
بعدما أغلقت بوابته
للأبد



****

(( تمت ))

فدائي

موضوع جميل